الخميس، 18 نوفمبر 2010

الحارث بن حلزة اليشكري

توفي سنة580م أي أواخر القرن السادس الميلادي.
هو من بني يشكر من بكر بن وائل وكان أبرص وهو القائل :

آذنتنا ببينها أسماء / رب ثاو يمل منه الثواء(البين:القطيعه)

وهي معلقته الشهيرة وهو من أصحاب المعلقات.
ويقال إنه ارتجلها بين يدي عمرو بن هند ارتجالا في شيئ كان بين بكر وتغلب بعد الصلح ,وكان ينشده من وراء السجف(الستر) للبرص الذي كان به .
فأمر برفع السجف بينه وبينه استحسانا لها .

وكان الحارث متوكئا على عنزة(عصا بقدر نصف الرمح لها سنان) فارتزت(أثرت) في جسده وهو لا يشعر .

وكان له ابن يقال له مذعور ولمذعور ابن يقال له شهاب بن مذعور وكان ناسبا وفيه يقول مسكين الدارمي :

هلم إلى ابن مذعور شهاب / ينبئ بالسفال وبالمعالي .

قال الأصمعي قد أقوى(غير حركة القصيدة الواحده) الحارث بن حلزة في قصيدته التي ارتجلها ,قال :

فملكنا بذلك الناس إذ ما / ملك المنذر بن ماء السماء.

قال أبو محمد ولن يضر ذلك هذه القصيدة لأنه ارتجلها فكانت كالخطبة.

ومما يمتثل به من شعره :

فعش بجد ما يضر / ك النوك ما أوتيت جدا.
والنوك خير في ظلا / ل العيش ممن عاش كدا

النوك :الحمق


وهذه بعض أبيات معلقته المشهورة

آذنتنا ببينها أسماء / رب ثاو يمل منه الثواء .
آذنتنا ببينها ثم ولت / ليت شعري متى يكون اللقاء.
بعد عهد لنا ببرقة شماء / فأدنى ديارها الخلصاء.
فالمحياة فالصفاح فأعناق / فتاق فعاذب فالوفاء .
فرياض القطا فأودية الشر / بب فالشعبتان فالأبلاء.
لا أرى من عهدت فيها فأبكي ال / يوم دلها وما ينفع البكاء.
وبعينيك أوقدت هند النا / أخيرا تلوي بها العلياء .
أوقدتها بين العقيق وشخصي / ن بعود كما يلوح الضياء.
فتنورت نارها من بعيد / بخزار هيهات منك الصلاء .

السبت، 13 نوفمبر 2010

طرفة بن العبد

هو طرفة بن العبد بن سفيان وهو أجودهم طويلة وهو القائل :
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
وهي معلقته المشهوره .

وله بعدها شعر حسن وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد إلا قليل . وكان في حسب من قومه جريئا على هجائهم وهجاء غيرهم . وكانت أخته عند عبد عمرو بن بشر بن مرثد , وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه , فشكت احت طرفة شيئا من أمر زوجها إليه فقال :

ولا عيب فيه غير أن له غنى / وأن له كشحا إذا قام أهضما .
وإن نساء الحي يعكفن جوله / يقلن عسيب من سرارة ملهما .

(الكشح:مابين الخاصرة إلى الضلع .أهضم:لطيف)(العسيب:جريدة النخل .سرارة:خير موضع في الوادي .ملهم:موضع كثير النخل)

فبلغ عمرو بن هند الشعر فخرج يتصيد طمعه عبدو عمرو فأصاب حمارا فعقره ,وقال لعبد عمرو انزل إليه , فنزل إليه فأعياه فضحك عمرو بن هند وقال لقد أبصرك طرفة حين قال (ولا عيب فيه) البيت ,وكان عمرو بن هند شريرا وكان طرفة قال له قبل ذلك :

ليت لنا مكان الملك عمرو / رغوثا حول قبتنا تخور .

(رغوث:كل مرضعه .تخور:الخوار صوت البقر)

فقال عبد عمرو : أبيت اللعن الذي قال قال فيك أشد مما قال في . قال :وقد بلغ من أمره هذا؟
قال : نعم .
فأرسل إليه وكتب له إلى عامله بالبحرين فقتله ,ويقال إن الذي تولى قتله معاوية بن مرة الأيفلي حي من طسم وجديس .

ومن جيد شعره قوله :

أرى قبر نحام بخيل بماله / كقبر غوي في البطالة مفسد .
أرى الموت يعتام الكريم ويصطفي / عقيلة مال الفاحش المتشدد .
أرى الدهر كنزا ناقصا كل ليلة / وما تنقص الأيام والدهر ينفذ .
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى / لكالطول المرخى وثنياه في اليد .

(النحام:البخيل.الطول:الحبل.ثنياه:طرفاه)

وكان أبوطرفة مات وطرفة صغير فأبى أعمامه أن يقسموا ماله فقال:

ما تنظرون بمال وردة فيكم / صغر البنون ورهط وردة غيب .
قد يبعث الأمر العظيم صغيره / حتى تظل له الدماء تصبب .
والظلم فرق بين حيي وائل / بكر تساقيها المنايا تغلب .
والصدق يألفه الكريم المرتجى / والكذب يألفه الدني الأخيب .


ويتمثل من شعره بقوله :

وترد عنك مخيلة الرجل / العريض موضحة عن العظم .
بحسام سيفك أو لسانك / والكلم الأصيل كأرغب الكلم .

وبقوله :

لنا يوم وللكروان يوم / تطير البائسات ولا نطير .

الكروان جمع كروانة مثل شقذان وهي دويبه .

ويقال إن أول شعر قاله طرفة أنه خرج مع عمه في سفر فنصب فخا فلما أراد الرحيل قال :

يا لك من قبرة بمعمر / خلا لك الجو فبيضي واصفري .
ونقري ما شئت أن تنقري / قد رفع الفخ فماذا تحذري .
لابد يوما أن تصادي فاصبري

قال أبو محمد هو طرفة ابن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن عباد بن صعصعه ابن قيس بن ثعلبه ويقال إن اسمه عمرو وسمي طرفة ببيت قاله .وأمه وردة من رهط أبيه وفيها يقول لأخواله وقد ظلموها حقها :

ما تنظرون بحق وردة ....... البيت

وكان أحدث الشعراء سنا وأقلهم عمرا , قتل وهو ابن عشرين سنة فيقال له ابن العشرين وكان ينادم عمرو بن هند فأشرفت ذات يوم أخته فرأى طرفة ظلها في الجام(الكأس) الذي في يده فقال :

ألا يا يأبى الظبي ا / لذي يبرق شنفاه(حليته) .
ولولا الملك القاعد / قد ألثمتني شفتاه .


فحقد ذلك عليه وكان قال أيضا :

وليت لنا مكان الملك عمرو / رغوثا حول قبتنا تدور .
لعمرك إن قابوس بن هند / ليخلط ملكه نوك كثير(النوك:الحمق)

وقابوس هو أخو عمرو بن هند , وكان فيه لين ويسمى فقينة العرس ,فكتب له عمرو بن هند إلى الربيع بن حمثره عامله على البحرين كتابا , أوهمه فيه أنه أمر بجائزة . وكتب للمتلمس بمثل ذلك .

قال أبو محمد ومضى طرفة بالكتاب فأخذه الربيع فسقاه الخمر حتى أثمله ,ثم فصد أكحله(شريان وسط الذراع) فقبره بالبحرين .وكان لطرفة أخ يقال له معبد بن العبد فطلب بديته فأخذها من الحواثر.

قال أبو عبيدن : مر لبيد بمجلس لنهد بالكوفة وهو يتوكأ على عصا ,فلما جاوز امروا فتى منهم أن يلحقه فيسأله من أشعر العرب .ففعل فقال له لبيد : الملك الضليل يعني امرؤا القيس .
فرجع فأخبرهم قالوا ألا سألته ثم من ؟
فرجع فسأله .
فقال : ابن العشرين ,يعني طرفة .
فلما رجع قالوا : ليتك كنت سألته ثم من .فرجع فسأله .
فقال : صاحب المحجن ,يعني نفسه .

قال أبو عبيده :طرفة أجودهم وأجده لا يلحق بالبحور يعني امرأ القيس وزهيرا والنابغة ولكنه يوضع مع أصحابه الحارث بن حلزة وعمروا بن كلثوم وسويد بن أبي كاهل .

ومما سبق إليه طرفة فأخذ منه قوله يذكرالسفينة :

يشق حباب الماء حيزومها بها / كما قسم الترب المفائل باليد .

أخذه لبيد فقال :

تشق خمائل الدهنا يداه / كما لعب المقامر بالفئال .

وأخذه الطرماح فقال :

وغدا يشق يداه أوساط الريا / قسم الفئال يشق أوسطه اليد .

ومن ذلك قوله :

ومكان زعل ظلمانه / كالمخاض الجرب في اليوم الخدر .
قد تبطنت وتحتي سرح / تتقي الأرض بملثوم معر .

وهو القائل وهو من جيد شعره :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا / ويأتيك بالأخبار من لم تزود .
ويأتيك بالنباء من لم تبع له / بتاتا ولم تضرب له وقت موعد .

ومن جيد شعره :

ألا أيها اللاحي أن احضر الوغى / وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي .
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي / فذرني أبادرها بما ملكت يدي .

وأيضا :

ولا غرو إلا جارتي وسؤالها / ألا هل لنا أهل سئلت كذلك .

دعا عليها بأن تغترب حتى تسأل كما سألته .

ومن حسن الدعاء قول النابغة الذبياني :

أغيرك معقلا أبغي وحصنا / فأعيتني المعاقل والحصون .
وجئت عاريا خلقا ثيابي / على خوف تظن بي الظنون .

ومن جيد شعر طرفة :

وألم علما ليس بالظن أنه / إذا ذل مولى المرء فهو ذليل .
وإن لسان المرء ما لم تكن له / حصاة على عوراته لدليل .
ؤغن امرءا لم يعف يوما فكاهة / لمن يرد سوءا بها لجهول .

وقال وهو صبي :

كل خليل كنت خاللته / لا ترك الله له واضحه .
كلهم أروغ من ثعلب / ما أشبه الليلة بالبارحه .

ومما يعاب من شعره :
يمتدح قوما

أسد غيل فإذا ما شربوا / وهبوا كل أمون وطمر .
ثم راحوا عبق المسك بهم / يلحفون الأرض هداب الأزر .

الخميس، 11 نوفمبر 2010

المتلمس

هو جرير بن عبدالمسيح من بني ضبيعة وأخواله بنو يشكر , وكان ينادم عمرو بن هند ملك الحيره , وهو الذي كان كتب له إلى عامل البحرين مع طرفة بقتله , وكان دفع كتابه إلى غلام بالحيرة ليقرأه , فقال له أنت المتلمس ! قال نعم .قال فالنجاة فقد أمر بقتلك . فنبذ الصحيفة في نهر الحيرة وقال :

ألقيتها بالثني من جنب كافر / كذلك أفني كل قط مضلل .
رضيت لها بالماء لما رأيتها / يجول بها التيار في كل جدول .

(الثني:منعطف النهر .كافر: نهر بالحيرة .القط:الصحيفن)

وكان أشار على طرفة بالرجوع فأبى عليه فهرب الى الشام فقال :

من مبلغ الشعراء عن أخويهم / خبرا فتصدقهم بذاك الأنفس .
أودى الذي علق الصحيفة منهما / ونجا حذار حبائه المتلمس .
ألق الصحيفة لا أبالك إنه / يخشى عليك من الحباء النقرس .

(أودى:هلك .الحباء:العطاء .الحباء النقرس:العطاء المهلك)

ومن جيد شعره قوله :

وما كنت إلا كمثل قاطع كفه / بكف له أخرى فأصبح أجذما .
يداه أصابت هذه حتف هذه / فلم تجد الأخرى عليها مقدما .
فلما استقاد الكف بالكف لم يجد / له دركا في أن تبينا فأحجما .
فأطرق في إطراق الشجاع,ولو رأى / مساغا لناباه الشجاع لصمما .
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا / وما علم الإنسان علا ليعلما .

(الأجذم:المقطوع .أحجم:تراجع .الشجاع:الأفعى .مساغا:نيلا يستسيغه .نابيه:تثنية ناب )

ومن إفراط قوله :

أحارث إنا لو تساط دماؤنا / تزايلن حتى لا يمس دم دما .

(تساط:تخلط .تزايلن:تفارقن)

وسمي المتلمس بقوله :

وذاك أوان العرض جن ذبابه / ونابيره والأزرق المتلمس .

العرض الوادي ويروى حيا ذبابه .

هو المتلمس بن عبدالعزى ويقال ابن عبدالمسيح من بني ضبيعة بن ربيعة ثم من بني دوفن .وأخواله بنو يشكر واسمه جرير وسمي بقوله :

فهذا أوان العرض حيا ذبابه / زنابيره والأزرق المتلمس .

وكان ينادم عمرو بن هند هو وطرفة بن العبد ,فهجواه فكتب لهما بكتاب إلى عامله بالبحرين ,كتابين أوهمهما أنه أمر لهما فيهما بجوائز , وكتب لأيه يأمره بقتلهما .
فخرجا حتى إذا كانا بالنجف إذا هما بشيخ على يسار الطريق يحدث ويأكل من خبزر في يده ويتناول القمل من ثيابه فيقصعه(يقتله) فقال المتلمس ما رأيت كاليوم شيخا أحمق .
فقال الشيخ : وما رأيت من حمقي أخرج خبيثا وأدخل طيبا وأقتل عدوا ,أحمق مني والله من حامل حتفه بيده فاستراب المتلمس بقوله .وطلع عليهما غلام من أهل الحيرة فقال له المتلمس :أتقرأ يا غلام ,قال :نعم .ففك صحيفته ودفعها إليه فإذا فيها :
" أما بعد إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حيا ".
فقال لطرفة ادفع إليه صحيفتك يقرؤها ففيها والله ما في صحيفتي .
فقال طرفة كلا لم يكن ليجترئ علي فقذف المتلمس بصحيفته في نهر الحيرة وقال :
ألقيتها بالثني من جنب كافر / كذلك أفني كل قط مضلل .
رضيت لها بالماء لما رأيتها / يجول بها التيار في كل جدول

وأخذ نحو الشام وأخذ طرفة نحو البحرين فضرب المثل بصحيفة المتلمس .

وحرم عمرو بن هند على المتلمس حب العراق فقال :

آليت حب العراق الدهر آكله / والحب يأكله في القرية السوس .

حب العراق بفتح الحاء .
وأتى بصرى فهلك بها ,وكان له ابن يقال له عبدالمدان , أدرك الإسلام وكان شاعرا وهلك ببصرى ولا عقب له .

قال أبو عبيدة واتفقوا على أن شعر المقلين في الجاهلية ثلاثة :
المتلمس , والمسيب ابن علس , وحصين بن الحمام المري .

ومما يعاب من شعره قوله :

وقد أتناسى الهم عند احتضاره / بناج عليه الصيعرية مكدم .

والصيعرية سمة للنوق لا للفحول بجعلها لفحل .وسمعه طرفة وهو صبي ينشد هذا ,فقال استنوق الجمل .فضحك الناس وسارت مثلا وأتاه المتلمس فقال له أخرج لسانك فأخرجه فقال ويل لهذا من هذا يريد ويل لرأسه من لسانه .

ويتمثل من شعره بقوله :

واعلم علم حق غير ظن / وتقوى الله من خير العتاد .
لحفظ المال أيسر من بغاه / وضرب في البلاد بغير زاد .
وإصلاح القليل يزيد فيه / ولا يبقى الكثير على الفساد .

المسيب بن علس

هو من شعراء بكر بن وائل المعدودين وخال الأعشى وهو القائل :

ولقد بلوت الفاعلين وفعلهم / فلذي الرقيبة ما له مثل.
كفاه مخلفه ومتلفة / وعطاؤه متخرق جزل .
(المتخرق:تجاوز عطاؤه غيره).

ويستحسن قوله:

تبيت الملوك على عتبها / وشيبان إن غضبت تعتب.
وكالشهد بالراح أخلاقهم / وأحلامهم منهما أعذب .
وكالمسك ترب مناماتهم / وريا قبورهم أطيب .

هو من خماعة وهو من بني ضبيعة بن ربيعه بن نزار ويكنى أبا الفضه وهو خال الأعشى ,أعشى قيس وكان الأعشى راويته واسمه زهير بن علس وإنما لقب المسيب ببيت قاله ,وهو جاهلي لم يدرك الإسلام وكان امتدح بعض الأعاجم فأعطاه ثم أتى عدوا له من الأعاجم يسأله فسمه ,فمات ولا عقب له .

ومما سبق إليه فأخذ منه قوله يذكر ثغر المرأة أي فمها :

كأن طعم الزنجبيل به / إذ ذقته وسلافة الخمر .
شرق بماء الذوب أسلمه / للمبتغيه معاقل الدبر .
(الدبر : النحل)

وقال الجعدي :

وكأن فاها بات مغتبقا / بعد الكرى من طيب الخمر.
شرقا بماء الذوب أسلمه / بالطود أيمن من قرى النسر .
(الغبوق:شرب الخمر ليلا)

وقال المسيب في النحل :

سود الرؤوس لصوتها زجل / محفوفة بمسارب خضر .

وقال الجعدي :

قرع الرؤوس لصوتها زجل / في النبع والكحلاء والسدر .
بكرت تبغي الخير في سبل / مخروفة ومسارب خضر .

وقال المسيب يذكر النحل :

بكرت تعرض في مراتعها / فوق الهضاب بمعقل الوبر .
وغدت لمسرحها وخالفها / متسربلا أدما على الصدر .
فأصاب ما حذرت , ولو علمت / حدبت إليه بضيق وعر .
حتى تحدر من عوازبه / أصلا بسبع ضوائن وفر .
(مخروقة:مقطوعة .حدبت:أشفقت )

ومما سبق إليه قوله في الناقة :

مرحت يداها للنجاء كأنما / تكرو بكفي ماقط في قاع .
(تكروا :تلعب بالكره .الماقط:الذي يضرب بالكرة الحائط ثم يأخذها)

أخذه الشماخ فقال :

كأن أوب يديها حين عاودها / أوب المراح وقد هموا بترحال .
مقط الكرين على مكنوسة زلف / في ظهر حنانة النيرين معوال .

(مقط:مد .الكرين:جمع كره .زلف:ملساء)

ويستجاد له قوله :

لو كنت من شيئ سوى بشر / كنت المنور ليلة البدر .

ويستجاد له قوله في المرأة :

تامت فؤادك إذ له عرضت / حسن برأي العين ما تمق(تمف:تدمع).
بانت وصدع في الفؤاد بها / صدع الزجاجة ليس يتفق(يتفق:يلتإم)

وأخذ عليه قوله في الناقة :

وكأن غاربها رباوة مخرم / وتمد ثني جديلها بشراع .

(الرباوة:المرتفع.المخرم:مقطع الأنف.الجديل:الجبل))

أراد تمد جديلها بعنق طويلة والجديل الزمام ,وأراد أن يشبه العنق بالدقل قشبهها بالشراع ,قال ابن الأعرابي لم يعرف الشرع من الدقل ,وليس هذا عند ابن قتيبة غلطا والشراع يكون على الدقل فسمي بإسمه .والعرب تسمي الشيئ باسم غيره إذا كان معه وبسببه يدل على ذلك قول أبي النجم :

كأن أهدام النسيل المنسل / على يديها والشراع الأطول .

أراد بقايا الوبر على يديها وعنقها فسمى العنق شراعا .

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

النابغة الذبياني

هو زياد بن معاويه ويكنى أبا أمامه ويقال أبا ثمامه ,هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مره بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان .
(16ق.م .605 م)
وسمي النابغة بقوله:
فقد نبغت لنا منهم شئون
وكان شريفا فغض منه الشعر وكان مع النعمان بن المنذر ومع أبيه وجده وكانوا له مكرمين .

وأهل الحجاز يفضلون النابغه وزهيرا وقال شعيب بن صخر سمعت عيسى بن عمر ينشد عامر بن عبدالملك المسمعي شعر شعر النابغه فقلت يا أبا عبدالله : هذا والله الشعر لا قول الأعشى :
لسنا نقاتل بالعصي ولا نرامي بالحجاره

ويقال كان النابغة أحسنهم ديباجة شعر وأكثرهم رونق كلام وأجزهم بيتا ,كان شعره كلاما ليس فيه تكلف ونبغ بالشعر بعد ما احتنك(طعن في السن) وهلك قبل أن يهتر(تسقط أسنانه) قال وكان يقوي في شعره فعيب عليه وأسمعوه في غناء:

أمن آل مية رائع أو مغتد / عجلان ذا زاد وغير مزود.
زعم البوارح أن رحلتنا غدا / وبذاك خبرنا الغداف الأسود.(الغداف:الغراب)

فقطن فلم يعد ,قال الشعبي :دخلت على عبدالملك وعنده رجل لا أعرفه فالتفت اليه عبدالملك فقال : من أشعر الناس ,فقال :أنا ,فأظلم ما بيني وبينه ,فقلت من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فتعجب عبدالملك من عجلتي فقال: هذا الأخطل فقلت أشعر منه الذي يقول:

هذا غلام حسن وجهه / مستقبل الخير سريع التمام .
للحارث الأكبر والحارث ال / أصغر والأعرج خير الأنام .
ثم لهند ولهند وقد / ينجع في الروضات ماء الغمام .
ستتة أبائهم ماهم / هم خير من يشرب صفوا المدام .

فقال الأخطل :صدق يا أمير المؤمنين النابغة أشعر مني فقال لي عبدالملك ما تقول في النابغة ,فقلت : قد فضله عمر بن الخطاب على الشعراء غير مرة خرج وببابه وفد غطفان فقال أي شعرائكم الذي يقول :

أتيتك عاريا خلقا ثيابي / على خوف تظن بي الظنون .
فألقيت الأمانة لم تخنها / كذلك كان نوح لا يخون .

قالوا النابغة :قال فأي شعرائكم الذي يقول:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة / وليس وراد الله للمرء مذهب .

قالوا النابغة .قال : فأي شعرائكم الذي يقول :

فإنك كالليل الذي هو مدري / وإن خلت المنتأى عنك واسع .

قالوا النابغة .قال هذا أشعر شعرائكم .قال حسان : وفدت على النعمان بن المنذر فمدحته فأجازني وأورمني فإني لجالس عنده ذات يوم إذا صوت من خلف قبته يقول :

أنام أم يسمع رب القبة / يا أوهب الناس لعنس صلبه(العنس الناقه)
ضرابة بالمشفر الأذبه / ذات نجاء في يديها جذبه(الأذبة:الدباب.النجاء الإسراع.الجدبة الطول)

قال أبو ثمامة؟ فدخل فأنشده قصيدته التي على العين وكان يوم ترد فيه النعم السود ولم يكن بإرض العرب بعير أسود إلا له فأمر له منها بمائة بعير معها رعاؤها ومظالها وكلابها فلم أدر على ما أحسده على جودة شعره أم على جريل عطيته ,قال أبوعبيدة عن الوليد بن روح قال : مكث النابغة زمانا لا يقول الشعر فأمر يوما بغسل ثيابه وعصب حاجبيه على عينيه فلما نظر إلى الناس قال:

المرئ يأمل أن يعيش / وطول عيش ما يضره .
تفنى بشاشته ويبقى / بعد حلو العيش مره .
وتخونه الأيام حتى / لا يرى شيئا يسره .
كم شامت بي إن هلكت / وقائل لله دره .

ومما يتمثل من شعره :
نبئت أن أبا قابوس أوعدني / ولا قرار على زاز من الأسد .
أبا قابوس : كنية النعمان بن المنذر ملك الحيره .

ولو أني تخالفني شمالي / بنصر لم تصاحبني يميني .

وقوله :
فحملتني ذنب امرئ وتركته / كذي العر يكوي غيره وهو راتع (العر:الجرب)

أخذه الكميت فقال :
ولا أكوي الصحاح براتعات / بهن العر قبلي ما كوينا .

وقوله :
واستبق ودك للصديق , ولا تكن / قتبا يعض بغارب ملحاحا
(القتب:سرج الجمل.الغارب:ما بين سنام البعير وعنقه)

أخذه ابن ميادة فقال :
ما إن ألح على الإخوان أسألهم / كما يلح الغارب القتب .

طيقال أن النابغة هجا النعمان بقوله :

قبح الله ثم ثنى بلعن / وارث الصائغ الجبان الجهولا .
من يضر الأدنى ويعجز عن / ضر الأقاصي ومن يخون الخليلا .
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزوا / ثم لا يررء العدو فتيلا
والصائغ هو عطية أبو سلمى أم النعمان بن المنذر ملك الحيره.

وهجاه أيضا فقال :
ملك يداعب أمه وقطينه / رخو المفاصل أيره كالمرود .



وكانت العرب تضرب أمثالا على ألسنة الهوام ,قال المفضل الضبي : يقال امتنعت بلدة على أهلها بسبب حية غلبت عليها فخرج إخوان يريدانها فوثبت على أحدهما فقتلته فتمكن لها أخوه في السلاح فقالت هل لك أن تؤمنني فأعطيو كل يوم دينارا فأجابها إلى ذلك حتى أثرى ثم ذكر أخاه فقال كيف يهنئني العيش بعد أخي فأخذ فأسا وصار إلى جحرها فتمكن لها فلما خرجت ضربها على رأسها فأثر فيه ولم يمعن ثم طلب الدينار حين فاته قتلها فقالت :إنه ما دام هذا القبر بفنائي وهذه الضربة برأسي فلست آمنك على نفسي فقال النابغة في ذلك :

تذكر أنى يجعل الله فرصة / فيصبح ذا مال ويقتل واتره .
فلما وقاها الله ضربة فأسه / وللبر عين لا تغمض ناضره .
فقالت معاذ الله أعطيك إنني / رأيتك غدارا يمينك فاجره .
أبى لي قبر لا يزال مقابلي / وضربة فأس فوق رأسي فاقره .

ومما أخذ منه قوله :

لو أنها عرضت لأشمط راهب / عبدالإله صرورة متعبد .
لرنا لبهجتها وحسن حديثها / ولخاله رشد وإن لم يرشد .

وييمثل له من شعره أيضا:
ومن عصاك فعاقبه معاقبة / تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد(الضمد الحقد)

وهو الذل والهوان قال أوس بن حارثه : المنيه ولا الدنيه .والنار ولا العار .
وقال النابغة في العفة وهو أحسن ما قيل فيه :

رقاق النعال طيب حجزاتهم / يحيون بالريحان يوم السبابسب
(طيب حجزاتهم: ناية عن العفة , السباسب :عيدالشعانين)

وقال النابغة :
تدعوا القطا وبها تدعى إذا نسبت / يا حسنها حين تدعوها فتنتسب
وذلك لأنها تلفظ باسمها ,

وله معلقة مطلعها يقول :

يادار مية بالعلياء والسند / أقوت فطال عليها سالف الأبد

الأحد، 7 نوفمبر 2010

كعب بن زهير بن أبي سلمى

كان كعب فحلا مجيدا وكان يحالفه أبدا إقتار وسوء حال وكان أخوه بجير اسلم قبله وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكه وكان كعب أرسل إلى بجير ينهاه عن الإسلام فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتواعده فبعث إليه بجير فحذره فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ بأبي بكر رضي الله عنه فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح جاء به وهو متلثم بعمامته فقال :يا رسول الله هذا رجل جاء يبايعك على الإسلام فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده فحسر كعب بن زهير عن وجهه(وكان خائفا لأن النبي أهدر دمه وتوعده) وقال: هذا مقام العائذ بك يا رسول الله ,أنا كعب بن زهير ,فتجمهته الأنصار وغلظت له الذكر لما قال سالفا في رسول الله وأحبت المهاجرة أن يسلم ويؤمنه النبي صلى الله عليه وسلم فأمنه واستنشده:

بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول متيم إثرها لم يجز مكبول
وما سعاد غداة البين اذ عرضت إلا غضيض الطرف مكحول
وما تدوم على العهد الذي زعمت كما تلون في أثوابها الغول
ولا تمسك بالود الذي زعمت إلا كما تمسك الماء الغرابيل
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا وما مواعيده إلا أباطيل
نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مبذول
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ال قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت في الأقاويل
فلما بلغ قوله:
إن الرسول لنور يستضاء به وصارم من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف يوم القاء ولا سود معازيل
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من عنده من قريش كأنه يومئ إليهم أن يسمعوا حتى قال:
يمشون مشي الجمال البهم يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنابيل
يعرض بالأنصار لغلظتهم عليه فأنكرت قريش عليه وقالوا: لم تمدحنا إذ هجوتهم فقال:
من سره شرف الحياة فلا يزل في مقنب من صالحي الأنصار
الباذلين نفوسهم لنبيهم يوم الهياج وسطوة الجبار
يتطهرون كأنه نسك لهم بدماء من علقوا من الكفار
فكساه النبي صلى الله عليه وسلم بردة اشتراها معاوية بعد ذلك بعشرين ألف درهم وهي التي عند الخلفاء حتى عهد ابن قتيبة مؤلف الكتاب الذي أنقل منه.

فمن للقوافي شأنها من يحوكها إذا ما مضى كعب وفوز جرول
كفيتك لا تلقى من الناس واحدا تنخل منها مثل ما يتنخل

وقال الحطيئة لكعب قد علمتم روايتي لكم أهل البيت وانقطاعي إليكم فلو قلت شعرا تذكر فيه نفسك ثم تذكرني من بعدك فإن الناس أروى لأشعاركم فقال :
يثقفها حتى تلين كعوبها فيقصر عنها من يسيئ ويعمل
فاعترضه مزرد أخو الشماخ فقال:
فلست كحسان الحسام ابن ثابت ولست كشماخ ولا كالمخبل
فباستك إن خلفتني خلف شاعر من الناس لا أكفى ولا أتنخل


(بانت:رحلت)(مبتول:سقيم من الحب)(مكبول:مقيد)(عرقوب:رجل اشتهر بعدم الوفاء)(الأنكاس:القاصرين عن الكرم)(معازيل:بدون سلاح)(عرد:هرب)(التنابيل:القصار)(المقنب: ألف أو أقل)(فوز :هلك)(يتنخل:يختار)

السبت، 6 نوفمبر 2010

زهير بن أبي سلمى

هو زهير بن ربيعه بن قرط(502-692م) حكيم الشعراء في الجاهلية وأئمة الأدب

هو زهير بن أبي سلمى واسم أبي سلمى ربيعة بن رياح المزني من مزينه مضر وكان زهير جاهليا لم يدرك الإسلام وأدركه إبناه كعب وبجير وأتى بجير النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه كعب:
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا(الخيف:مكان)
سقيت بكأس عند آل محمد فأنهلك المأمون منها وعلكا(عل:سقا)
فخالفت أسباب الهدى وتبعته على أي شيء ويب غيرك دلكا(الويب :الويل)

فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره فتوعده ونذر دمه فكتب بجير إلى كعب يحذره فخاف وقال قصيدته التي ذكر فيها :
بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول
وفيها أيضا:
نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده وأنشده شعره فقبل توبته.


ويقال إنه لم يتصل الشعر في ولد أحد من الفحول في الجاهلية ما اتصل في ولد زهير وفي الإسلام ما اتصل في ولد جرير ,وكان زهير راوية أوس بن حجر , ويروى عن عمر بن الخطاب أنه قال :أنشدوني لأشعر شعرائكم .قيل :ومن هو .قال: زهير ,قيل :وبم صار كذلك؟ ,قال :كان لا يعاظل(أي لا يجعل بعض الأبيات لا تفهم إلا بغيرها) بين القول ولا يتبع وحشي الكلام ولا يمدح الرجل إلا بما هو فيه وهو القائل:
إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية من المجد من يسبق اليها يسود
سبقت اليها كل طلق مبرز سبوق إلى الغايات غير مخلد

وكان قدامة ابن موسى عالما بالشعر وكان يقدم قول زهير ويستجيد قوله:
قد جعل المبتغون الخير في هرم والسائلون إلى أبوابه طرقا
من يلق يوما على علاته هرما يلق السماحة فيه والندى خلقا

قال عكرمه بن جرير قلت لأبي من أشعر الناس؟قال أجاهلية أم إسلاميه؟
قلت جاهليه , قال زهير .
قلت فالإسلام :قال الفرزدق .قلت فالأخطل!
قال :الأخطل يجيد نعت الملوك ويصيب صفة الخمر .قلت له: فأنت؟ قال:أنا نحرت الشعر نحرا ,قال عبدالملك لقوم من الشعراء :أي بيت أمدح ! فاتفقوا على بيت زهير :
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

قيل لخلف الأحمر زهير أشعر أم ابنه كعب .قال لولا أبيات لزهير أكبرها الناس لقلت إن كعبا أشعر منه يريد قوله:
لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج ومن دهر
ولأنت أشجع من أسامة إذ دعي النزال ولج في الذعر
ولأنت تفري من خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
لو كنت من شيئ سوى بشر كنت المنور ليلة البدر
(تفري:تقطع)

وكان زهير يتأله ويتعفف في شعره ويدل شعره على إيمانه بالبعث وذلك قوله:

تنازعت المها شبها ودر البحور وشاكهت فيها الضباء
(شاكهت:شابهت)
ثم قال ففسر:
فأما ما فويق العقد منها فمن أدماء مرتعها الخلاء
وأما المقلتان فمن مهات وللدر الملاحة والصفاء

ويستحسن قوله :
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
(اعتنق:التحم)

ويستحسن قوله أيضا:
هو الجواد الذي يعطيك نائله عفوا ويظلم أحيانا فينظلم
يصف هرما بن سنان المري.
قد سبق زهير ألى هذا المعنى لا ينازعه فيه أحد غير كثير فإنه قال يمدح عبدالعزيز بن مروان:
رأيت ابن ليلى يعتري صلب ماله مسائل شتى من خنى ومصرم
مسائل أن توجد لديه تجد بها يداه وان يظلم بها يتظلم

وله معلقته المشهورة
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
ودار لها بالرقمتين كأنها مراجيع وشم في نواشر معصم
بها العين والآرام يمشن خلفة وأطلائها ينهضن من كل مجثم
وقفت بها بعد عشرين حجة فلأيا عرفت الدار بعد توهم
أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم ......
إلى باقي المعلقه

الخميس، 4 نوفمبر 2010

دارة جلجل

كان امرؤ القيس عاشقا لابنة عم له يقال لها عنيزة وأنه طلبها زمانا فلم يصل إليها حتى كان يوم الغدير وهو يوم دارة جلجل وذلك أن الحي احتملوا فتقدم الرجال وتخلف النساء والخدم والثقل فلما رأى ذلك امرؤ القيس تخلف بعدما سار مع رجالة قومه مسافة قبل القوم .فكمن في غيابة من الأرض حتى مر به النساء وفيهن عنيزة فلما وردن الغدير ونحين العبيد ثم تجردن من ثيابهم ووقعن فيه وقلن مالنا لا ننزل الغدير يذهب عنا بعض الكلال ,فأتاهن امرؤ القيس وهن غوافل فأخذ ثيابهن فجمعها وقعد عليها وقال والله لا أعطي جارية منكن ثوبها ولو ظلت في الغدير يومها جتى تخرج متجردة فتأخذ ثوبها فأبين ذلك عليه حتى تعالى النهار وخشين أن يقصرن عن المنزل الذي يردنه فخرجن جميعا غير عنيزة فناشدته الله أن يطرح إليها ثوبها فأبى فخرجت فنظر إليها مقبلة ومدبرة واقبلن عليه فقلن له : إنك قد عذبتنا وحبستنا وأجعتنا قال فإن نحرت لكن ناقتي تأكلن منها؟ قلن نعم .
فاخترط سيفه فعرقبها ونحرها ثم كشطها وجمع الخدم حطبا كثيرا فأججن نارا عظيمة فجعل يقطع لهن من أطاييبها ويلقيه على الجمر ويأكلن ويأكل معهن ويشرب من فضلة خمر كانت معه ويغنين وينبذ إلى العبيد من الكباب فلما أرادوا الرحيل قالت احداهن أنا أحمل طنفسته وقالت الأخرى أنا أحمل رحله وأنساعه (الأنساع الحبال) ,فتقسمن متاع راحلته وزاده وبقيت عنيزة لم يحملها شيئ فقال لها يا ابنة الكرام لا بد أن تحمليني معك فإني لا أطيق المششي فحملته على عارب بعيرها وكان يجنح إليها فيدخل رأسه فيقبلها فإذا امتنعت مال حدجها فتقول عقرت بعيري فانزل ففي ذلك يقول :

ويوم عقرت للعذارى مطيتي فيا عجبا من رحلها المتحمل
فظل العذاري يرتمين بلحمها وشحم كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معا عقرت بعيري يامرؤ القيس فانزل
فقلت لها سيري وأرخي زمامه ولا تبعديني من جناك المعلل

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

امرؤ القيس

هو امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي وأمه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين وكليب هو الذي تقول فيه العرب أعز من كليب وائل وبمقلته هاجت حرب بكر وتغلب .
وهو من أهل نجد من الطبقة الأولى وهذه الديار التي وصفها في شعره كلها ديار بني أسد,قال لبيد ابن ربيعه :أشعر الناس ذو القروح يعني امرؤا القيس .
وكا قد طرده أبوه لما صنع في الشعر بفاطمة ما صنع وكان لها عاشقا فطلبها زمانا فلم يصلها حتى كان منها يوم الغدير بدارة جلجل ما كان فقال:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
فلما بلغ ذلك حجرا أباه طرده وطلب من مولى له أن يقتله وأن يأتيه بعينيه فقتل ولد بقر الوحش وأتاه بعينيه فندم أباه فقال له بأنه لم يقتله فقال احضره .فذهب فإذا به يقول شعرا على رأس جبل :
فلا تتركني يا ربيع لهذه وكنت أراني قبلها بك واثقا
لإرده إلى أبيه فنهاه عن قول الشعر ثم انه قال:
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي
فبلغ ذلك أباه فطرده,فلما بلغه مقتل أباه وهو بدمون قال:
تطاول الليل علينا دمون دمون انا معشر يمانيون
وإنا لأهلنا محبون
ثم قال ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا لا صحو اليوم ولا سكر غدا اليوم خمر وغدا أمر ثم قال:
خليلي ما في اليوم مصحى لشارب ولا في غد ما كان شرب
ثم أقسم لا يأكل لحما ولا يشرب خمرا حتى يثأر لأبيه فلما كان الليل لاح له برق فقال:
أرقت لبرق بليل أهق يضيئ سناه بأعلى الجبل
بقتل بني أسد ربهم ألا كل شيئ سواه جلل

ثم استجاش بكر بن وائل فسار إليهم وقد لجأوا إلى كنانه فأوقع بهم ونجحت بنو كاهل من بني أسد فقال :
يا لهف نفسي إذ خطئن كاهلا القاتلين الملك الحلاحلا
تالله يذهب شيخي باطلا

وقد ذكر امرؤا القيس في شعره أنه ظفر بهم فتأبى عليه ذلك الشعراء قال عبيد:
ياذا المخوفنا بقتل أبيه إذلالا وحينا
أزعمت أنك قد قتلت سراتنا كذبا ومينا

ولم يزل يسير في العرب يطلب النصر حتى خرج إلى قيصر ,وأعجبت به ابنة القيصر وقد كان وسيما وجميلا وكان يأتيها وتأتيه ليضاجعها وفطن لذلك الطماح ابن قيس الأسدي وكان حجر والد امرؤ القيس قد قتل أباه فوشي به إلى الملك فخرج امرؤ القيس متسرعافبعث قيصر في طلبه رسولا فأدركه دون أنقره بيوم ومعه حلة مسمومة على أنها هدية من الملك فلبسها في يوم صائف فتناثر لحمه وتفطر جسده وكان يحمله جابر بن حني التغلبي .
وقال حين موته :
وطعنة مسحنفره وجفنة مثغنجره تبقى غدا بأنقره
(مسحنفره:ماضية نافذه)(متعنجره:سائلة يسيل ودكها)
ومات ودفن بأنقره.

أوائل الشعر

لم يكن لأوائل الشعر إلا أبيات قليلة يقولها الرجل عند حدوث الحاجة فمن قديم الشعر قول دويد بن نهد القضاعي:
اليوم يبنى لدويد بيته لو كان للدهر بلى أبليته
أو كان قرني واحدا كفيته يارب نهب ثالح حويته
ورب عبل خشن لويته
(العبل:الضخم)

وقال الآخر :
ألقي علي الدهر رجلا ويدا والدهر ما أصلح يوما أفسدا
يصلحه اليوم ويفسده غدا

وقال أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان واسمه منبه بن سعد وهو أبوغني وباهلة والطفاوة :
قالت عميرة ما لرأسك بعد ما نفد الشباب أتى بلون منكر
أعمير إن أباك شيب رأسه مر الليالي واختلاف الأعصر
(نفد الشباب:ارتحل وولى)

وقال الحارث بن كعب وكان قديما:
أكلت شبابي فأفنيته وأفنيت بعد شهورا شهورا
ثلاثة أهلين صاحبتهم فبانوا وأصبحت شيخا كبيرا
قليل الطعام عسير القيا م قد ترك القيد خطوي قصيرا
أبيت أراعي نجوم السماء أقلب أمري بطونا ظهورا

البداية

بسم الله الرحمن الرحيم
أولا سأنقل بعضا مما أورده ابن قتيبة رحمه الله في كتابه الشعر والشعراء من أسماء الشعراء وما استحسن من شعرهم وما استقبح وفترة حياتهم .
ثانيا ربما نقلت عن بعض الكتب الأخرى ولكن هذا الكتاب رائع بحق لذا خصصت هذه المدونة لأجله فقط وأسأل الله التوفيق والسداد والنفع بما نكتب وأن يكون شاهد لنا لا علينا ولا يبقى بعد موتنا سوى الذكر الحسن والأثر الطيب.
ارجوا أن يستمتع مم يدخل لهذه المدونة وما أنشأتها رياء أو سمعة وإنما حب مشاركة الآخرين ما استحسنه مما اقرأه وأطالعه.