السبت، 13 نوفمبر 2010

طرفة بن العبد

هو طرفة بن العبد بن سفيان وهو أجودهم طويلة وهو القائل :
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
وهي معلقته المشهوره .

وله بعدها شعر حسن وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد إلا قليل . وكان في حسب من قومه جريئا على هجائهم وهجاء غيرهم . وكانت أخته عند عبد عمرو بن بشر بن مرثد , وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه , فشكت احت طرفة شيئا من أمر زوجها إليه فقال :

ولا عيب فيه غير أن له غنى / وأن له كشحا إذا قام أهضما .
وإن نساء الحي يعكفن جوله / يقلن عسيب من سرارة ملهما .

(الكشح:مابين الخاصرة إلى الضلع .أهضم:لطيف)(العسيب:جريدة النخل .سرارة:خير موضع في الوادي .ملهم:موضع كثير النخل)

فبلغ عمرو بن هند الشعر فخرج يتصيد طمعه عبدو عمرو فأصاب حمارا فعقره ,وقال لعبد عمرو انزل إليه , فنزل إليه فأعياه فضحك عمرو بن هند وقال لقد أبصرك طرفة حين قال (ولا عيب فيه) البيت ,وكان عمرو بن هند شريرا وكان طرفة قال له قبل ذلك :

ليت لنا مكان الملك عمرو / رغوثا حول قبتنا تخور .

(رغوث:كل مرضعه .تخور:الخوار صوت البقر)

فقال عبد عمرو : أبيت اللعن الذي قال قال فيك أشد مما قال في . قال :وقد بلغ من أمره هذا؟
قال : نعم .
فأرسل إليه وكتب له إلى عامله بالبحرين فقتله ,ويقال إن الذي تولى قتله معاوية بن مرة الأيفلي حي من طسم وجديس .

ومن جيد شعره قوله :

أرى قبر نحام بخيل بماله / كقبر غوي في البطالة مفسد .
أرى الموت يعتام الكريم ويصطفي / عقيلة مال الفاحش المتشدد .
أرى الدهر كنزا ناقصا كل ليلة / وما تنقص الأيام والدهر ينفذ .
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى / لكالطول المرخى وثنياه في اليد .

(النحام:البخيل.الطول:الحبل.ثنياه:طرفاه)

وكان أبوطرفة مات وطرفة صغير فأبى أعمامه أن يقسموا ماله فقال:

ما تنظرون بمال وردة فيكم / صغر البنون ورهط وردة غيب .
قد يبعث الأمر العظيم صغيره / حتى تظل له الدماء تصبب .
والظلم فرق بين حيي وائل / بكر تساقيها المنايا تغلب .
والصدق يألفه الكريم المرتجى / والكذب يألفه الدني الأخيب .


ويتمثل من شعره بقوله :

وترد عنك مخيلة الرجل / العريض موضحة عن العظم .
بحسام سيفك أو لسانك / والكلم الأصيل كأرغب الكلم .

وبقوله :

لنا يوم وللكروان يوم / تطير البائسات ولا نطير .

الكروان جمع كروانة مثل شقذان وهي دويبه .

ويقال إن أول شعر قاله طرفة أنه خرج مع عمه في سفر فنصب فخا فلما أراد الرحيل قال :

يا لك من قبرة بمعمر / خلا لك الجو فبيضي واصفري .
ونقري ما شئت أن تنقري / قد رفع الفخ فماذا تحذري .
لابد يوما أن تصادي فاصبري

قال أبو محمد هو طرفة ابن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن عباد بن صعصعه ابن قيس بن ثعلبه ويقال إن اسمه عمرو وسمي طرفة ببيت قاله .وأمه وردة من رهط أبيه وفيها يقول لأخواله وقد ظلموها حقها :

ما تنظرون بحق وردة ....... البيت

وكان أحدث الشعراء سنا وأقلهم عمرا , قتل وهو ابن عشرين سنة فيقال له ابن العشرين وكان ينادم عمرو بن هند فأشرفت ذات يوم أخته فرأى طرفة ظلها في الجام(الكأس) الذي في يده فقال :

ألا يا يأبى الظبي ا / لذي يبرق شنفاه(حليته) .
ولولا الملك القاعد / قد ألثمتني شفتاه .


فحقد ذلك عليه وكان قال أيضا :

وليت لنا مكان الملك عمرو / رغوثا حول قبتنا تدور .
لعمرك إن قابوس بن هند / ليخلط ملكه نوك كثير(النوك:الحمق)

وقابوس هو أخو عمرو بن هند , وكان فيه لين ويسمى فقينة العرس ,فكتب له عمرو بن هند إلى الربيع بن حمثره عامله على البحرين كتابا , أوهمه فيه أنه أمر بجائزة . وكتب للمتلمس بمثل ذلك .

قال أبو محمد ومضى طرفة بالكتاب فأخذه الربيع فسقاه الخمر حتى أثمله ,ثم فصد أكحله(شريان وسط الذراع) فقبره بالبحرين .وكان لطرفة أخ يقال له معبد بن العبد فطلب بديته فأخذها من الحواثر.

قال أبو عبيدن : مر لبيد بمجلس لنهد بالكوفة وهو يتوكأ على عصا ,فلما جاوز امروا فتى منهم أن يلحقه فيسأله من أشعر العرب .ففعل فقال له لبيد : الملك الضليل يعني امرؤا القيس .
فرجع فأخبرهم قالوا ألا سألته ثم من ؟
فرجع فسأله .
فقال : ابن العشرين ,يعني طرفة .
فلما رجع قالوا : ليتك كنت سألته ثم من .فرجع فسأله .
فقال : صاحب المحجن ,يعني نفسه .

قال أبو عبيده :طرفة أجودهم وأجده لا يلحق بالبحور يعني امرأ القيس وزهيرا والنابغة ولكنه يوضع مع أصحابه الحارث بن حلزة وعمروا بن كلثوم وسويد بن أبي كاهل .

ومما سبق إليه طرفة فأخذ منه قوله يذكرالسفينة :

يشق حباب الماء حيزومها بها / كما قسم الترب المفائل باليد .

أخذه لبيد فقال :

تشق خمائل الدهنا يداه / كما لعب المقامر بالفئال .

وأخذه الطرماح فقال :

وغدا يشق يداه أوساط الريا / قسم الفئال يشق أوسطه اليد .

ومن ذلك قوله :

ومكان زعل ظلمانه / كالمخاض الجرب في اليوم الخدر .
قد تبطنت وتحتي سرح / تتقي الأرض بملثوم معر .

وهو القائل وهو من جيد شعره :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا / ويأتيك بالأخبار من لم تزود .
ويأتيك بالنباء من لم تبع له / بتاتا ولم تضرب له وقت موعد .

ومن جيد شعره :

ألا أيها اللاحي أن احضر الوغى / وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي .
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي / فذرني أبادرها بما ملكت يدي .

وأيضا :

ولا غرو إلا جارتي وسؤالها / ألا هل لنا أهل سئلت كذلك .

دعا عليها بأن تغترب حتى تسأل كما سألته .

ومن حسن الدعاء قول النابغة الذبياني :

أغيرك معقلا أبغي وحصنا / فأعيتني المعاقل والحصون .
وجئت عاريا خلقا ثيابي / على خوف تظن بي الظنون .

ومن جيد شعر طرفة :

وألم علما ليس بالظن أنه / إذا ذل مولى المرء فهو ذليل .
وإن لسان المرء ما لم تكن له / حصاة على عوراته لدليل .
ؤغن امرءا لم يعف يوما فكاهة / لمن يرد سوءا بها لجهول .

وقال وهو صبي :

كل خليل كنت خاللته / لا ترك الله له واضحه .
كلهم أروغ من ثعلب / ما أشبه الليلة بالبارحه .

ومما يعاب من شعره :
يمتدح قوما

أسد غيل فإذا ما شربوا / وهبوا كل أمون وطمر .
ثم راحوا عبق المسك بهم / يلحفون الأرض هداب الأزر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق