الخميس، 11 نوفمبر 2010

المتلمس

هو جرير بن عبدالمسيح من بني ضبيعة وأخواله بنو يشكر , وكان ينادم عمرو بن هند ملك الحيره , وهو الذي كان كتب له إلى عامل البحرين مع طرفة بقتله , وكان دفع كتابه إلى غلام بالحيرة ليقرأه , فقال له أنت المتلمس ! قال نعم .قال فالنجاة فقد أمر بقتلك . فنبذ الصحيفة في نهر الحيرة وقال :

ألقيتها بالثني من جنب كافر / كذلك أفني كل قط مضلل .
رضيت لها بالماء لما رأيتها / يجول بها التيار في كل جدول .

(الثني:منعطف النهر .كافر: نهر بالحيرة .القط:الصحيفن)

وكان أشار على طرفة بالرجوع فأبى عليه فهرب الى الشام فقال :

من مبلغ الشعراء عن أخويهم / خبرا فتصدقهم بذاك الأنفس .
أودى الذي علق الصحيفة منهما / ونجا حذار حبائه المتلمس .
ألق الصحيفة لا أبالك إنه / يخشى عليك من الحباء النقرس .

(أودى:هلك .الحباء:العطاء .الحباء النقرس:العطاء المهلك)

ومن جيد شعره قوله :

وما كنت إلا كمثل قاطع كفه / بكف له أخرى فأصبح أجذما .
يداه أصابت هذه حتف هذه / فلم تجد الأخرى عليها مقدما .
فلما استقاد الكف بالكف لم يجد / له دركا في أن تبينا فأحجما .
فأطرق في إطراق الشجاع,ولو رأى / مساغا لناباه الشجاع لصمما .
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا / وما علم الإنسان علا ليعلما .

(الأجذم:المقطوع .أحجم:تراجع .الشجاع:الأفعى .مساغا:نيلا يستسيغه .نابيه:تثنية ناب )

ومن إفراط قوله :

أحارث إنا لو تساط دماؤنا / تزايلن حتى لا يمس دم دما .

(تساط:تخلط .تزايلن:تفارقن)

وسمي المتلمس بقوله :

وذاك أوان العرض جن ذبابه / ونابيره والأزرق المتلمس .

العرض الوادي ويروى حيا ذبابه .

هو المتلمس بن عبدالعزى ويقال ابن عبدالمسيح من بني ضبيعة بن ربيعة ثم من بني دوفن .وأخواله بنو يشكر واسمه جرير وسمي بقوله :

فهذا أوان العرض حيا ذبابه / زنابيره والأزرق المتلمس .

وكان ينادم عمرو بن هند هو وطرفة بن العبد ,فهجواه فكتب لهما بكتاب إلى عامله بالبحرين ,كتابين أوهمهما أنه أمر لهما فيهما بجوائز , وكتب لأيه يأمره بقتلهما .
فخرجا حتى إذا كانا بالنجف إذا هما بشيخ على يسار الطريق يحدث ويأكل من خبزر في يده ويتناول القمل من ثيابه فيقصعه(يقتله) فقال المتلمس ما رأيت كاليوم شيخا أحمق .
فقال الشيخ : وما رأيت من حمقي أخرج خبيثا وأدخل طيبا وأقتل عدوا ,أحمق مني والله من حامل حتفه بيده فاستراب المتلمس بقوله .وطلع عليهما غلام من أهل الحيرة فقال له المتلمس :أتقرأ يا غلام ,قال :نعم .ففك صحيفته ودفعها إليه فإذا فيها :
" أما بعد إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حيا ".
فقال لطرفة ادفع إليه صحيفتك يقرؤها ففيها والله ما في صحيفتي .
فقال طرفة كلا لم يكن ليجترئ علي فقذف المتلمس بصحيفته في نهر الحيرة وقال :
ألقيتها بالثني من جنب كافر / كذلك أفني كل قط مضلل .
رضيت لها بالماء لما رأيتها / يجول بها التيار في كل جدول

وأخذ نحو الشام وأخذ طرفة نحو البحرين فضرب المثل بصحيفة المتلمس .

وحرم عمرو بن هند على المتلمس حب العراق فقال :

آليت حب العراق الدهر آكله / والحب يأكله في القرية السوس .

حب العراق بفتح الحاء .
وأتى بصرى فهلك بها ,وكان له ابن يقال له عبدالمدان , أدرك الإسلام وكان شاعرا وهلك ببصرى ولا عقب له .

قال أبو عبيدة واتفقوا على أن شعر المقلين في الجاهلية ثلاثة :
المتلمس , والمسيب ابن علس , وحصين بن الحمام المري .

ومما يعاب من شعره قوله :

وقد أتناسى الهم عند احتضاره / بناج عليه الصيعرية مكدم .

والصيعرية سمة للنوق لا للفحول بجعلها لفحل .وسمعه طرفة وهو صبي ينشد هذا ,فقال استنوق الجمل .فضحك الناس وسارت مثلا وأتاه المتلمس فقال له أخرج لسانك فأخرجه فقال ويل لهذا من هذا يريد ويل لرأسه من لسانه .

ويتمثل من شعره بقوله :

واعلم علم حق غير ظن / وتقوى الله من خير العتاد .
لحفظ المال أيسر من بغاه / وضرب في البلاد بغير زاد .
وإصلاح القليل يزيد فيه / ولا يبقى الكثير على الفساد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق